"سكاي بار" ملهى ليلي في بيروت يفتح أبوابه للنازحين
تحول ملهى “سكاي بار” الليلي في وسط بيروت من مكان للسهر إلى مركز إيواء للعائلات النازحة، حيث فتح أبوابه لاستقبال الأسر التي شردها القصف الإسرائيلي المتواصل على لبنان.
كما أن هذا التحول يمثل خطوة إنسانية فريدة من نوعها، حيث احتضن الملهى أعداداً كبيرة من النازحين في ظل تصاعد حدة الصراع، وفي مشهد مغاير تماماً عما اعتاده زوار هذا الملهى الشهير، تظهر الطفلة ميليسا، البالغة من العمر ست سنوات، وهي تلعب وتركض بين أرجاء المكان.
الملهى الذي كان يوماً ما ملاذاً لعشاق السهر والغناء، أصبح الآن مأوى للأسر الهاربة من ويلات الحرب، وأمها سحر تروي كيف انتهى بهم الحال هنا بعد النزوح من الضاحية الجنوبية في بيروت، وبجانبها مئات النازحين يفترشون الأرض التي كانت مكاناً للرقص والغناء في الليالي السابقة.
أما عن سحر وأسرتها كغيرهم من آلاف العائلات اللبنانية، نزحوا من منازلهم هرباً من القصف الإسرائيلي الذي بدأ في أواخر سبتمبر، والسلطات اللبنانية تشير إلى أن عدد النازحين قد وصل إلى 1.2 مليون شخص منذ بداية الأزمة، مما يجعلها أسوأ أزمة نزوح في تاريخ لبنان الحديث، وبينما يفترش الرجال الطرقات خارج الملهى، يتم منح الأولوية للنساء والأطفال وكبار السن للبقاء داخل سكاي بار، الذي بات ملجأً لهم.
كما صرح أحد القائمين على الملهى الليلي "عمار المير"، إن المبادرة بدأت عندما قرر صاحب الملهى فتح الأبواب للعائلات النازحة التي كانت تنام على الأرصفة بالخارج وفي البداية، استقبل الملهي تسع عائلات فقط، لكن مع مرور الوقت وصل العدد إلى نحو 400 شخص، من بينهم 176 طفلاً بالإضافة إلى كبار السن والنساء.
وعلى الرغم من أن السعة القصوى للملجأ قد وصلت إلى حدها، إلا أن المير يؤكد أنهم يسعون جاهدين لاستقبال المزيد من النازحين في حالات الطوارئ، خاصةً في ظل الظروف الإنسانية القاسية، وداخل سكاي بار تم توفير جميع وسائل الراحة الممكنة للنازحين، بينما يروي "المير" أن صاحب الملهى طلب تأمين تكييف هوائي، شفاطات لتنقية الهواء، والكهرباء على مدار الساعة.
بينما تم توفير طعام يومي يشمل الفطور والغداء والعشاء، بالإضافة إلى ملابس ومستلزمات النظافة، وحتى الحمامات تم تجهيزها بمياه ساخنة بشكل مستمر، ليتمكن النازحون من الاستحمام براحة، وسحر التي نزحت مع أسرتها في البداية إلى مدرسة تؤوي النازحين في منطقة بسكنتا، تحكي عن تجربتها قائلة:
“لقد وجدنا هنا كل ما نحتاجه، من كهرباء وإنترنت إلى الطعام والألعاب لأولادي، ونشعر بالأمان وكأننا في بيتنا”.
وعلى الرغم من قسوة النزوح، تشعر سحر بالراحة والطمأنينة، مشيدة بالمعاملة الإنسانية التي تلقتها هي وأسرتها، أما عن تحويل سكار بار من ملهى ليلي إلى مركز إيواء يعكس تضامناً فريداً في المجتمع اللبناني، وهذه المبادرة لم تكن مجرد توفير مأوى فحسب، بل كانت محاولة جادة لتقديم كل ما يحتاجه النازحون من رعاية واهتمام، سواء على المستوى الجسدي أو النفسي، والفرق بين الليالي التي كانت تحتفل فيها داخل الملهى وبين الوضع الحالي يظهر حجم التحديات التي يواجهها لبنان في ظل هذا الصراع.